الكلام. .
الكلام وسيلة من وسائل الاتصال الأولى والأقوى بين الناس. . متقدمة عن وسائل تواصل الكتابة. . والعيون. .
والإشارة. والكلام وسيلة تواصل بين كل الكائنات الأخرى، فما من أمة منها إلا ولها طريقة تتواصل بها فمنها الصوت كما في الحيتان أو الرقص كما في النحل أو ترك مادة لها رائحة كما في بعض الحشرات وغير ذلك من أسرار الكائنات التي لا نعلم الكثير عنها وإذا تحدثنا عن الكلام المفهوم بين البشر، نقول كلما كان الكلام الذي يخرج من الإنسان يجد من يسمعه يكون له معنى في نفسه وعند غيره.
فالكلام لذيذ وممتع بين الصديقين. . فكل من الصديق يفضفض ويتحدث لصديقه بمكنونات نفسه لصديقه الذي يحب أن يسمع له. . دون أحكام ولا محاكمات. . وإنما يستمتع بالحديث مع صديقه الصدوق لأنه يثق فيه ويعطيه تعليقه دون إجبار أو تسلط أو تحكم. . ولو كان كذلك لانتفى معنى الصداقة بينهما. . فيتحدث أحدهما. . ثم يأتي دور الآخر وهكذا ليقوم الأخير بنفس المهمة ورد الفعل أيضا باندماج كلامي فكري ممتع بين طرفين. . والكلام بين المخطوبين ( أي العاقدان الذين لم يضمهما بيت واحد بعد ). . يشعرهما بان الدنيا وردية اللون. . وله معنى آخر واستمتاع من نوع مركب. . هذا لو كأنا المخطوبان يميلان لبعضهما البعض. . فهو يتحدث وهي تستمتع. . بأكثر من كلمة تسمع فقط. . ووقع كلمات الخطيبة على قلب خطيبها كانه عسل يقطر. . فيعيش كلا الطرفان حالة من الهدوء والسعادة. . التي لا توصف. . وطبيعة الكلام هنا لها صبغة معينة ومختلفة تماما عن الكلام بين الزوجين. . ولو كان هناك تواصل صحي بين الزوج والزوجة ومحبان لبعضهما البعض. . لن يملا الحديث. . وسيكون كالصديقين لكن إن كان الرجل كثير الكلام معتدلة الكلام. . وهذا ليس كثير. . . وليس من الطبع العام. . ولكنه موجود. . . ففيه يكون الرجل محبا للكلام لذاته. . يحكي كل شيء ويتحدث بالتفصيل. . ويوجب على الزوجة أن تستمع. . ولكنها غالبا ما تمل خاصة إن لم يعط لها حقها في الكلام والإنصات لحديثها، وإن لم تبد ذلك. . ويا لحظها العاثر لو حدثت مشكلة بينهما. . فيسارع هو في الكلام ولا يسمح لها بالحديث إلا أقل القليل. . ويأتي ثانية وثالثة وعاشرة ليعيد مكررا من أول الحدث ولا يمل ولا يكل من تكرار الكلام عن المواقف. . وهناك نوع آخر وهو الشائع. . إن تكون المرأة هي كثيرة الكلام والرجل لا يحب الكلام. . فتشعر المرأة هنا بملل حقيقي في العلاقة. . لأنها وكما هو معروف أن المرأة أكثر قدرة على الحديث خاصة عن المشاعر والكلام في التفاصيل وهو لا ينصت لها. .
ومن الأزواج من يتهرب إلى أصدقائه. . ولا يفضل أصلا الاستماع لزوجته. . خاصة أن كانت لا تعطيه حتى فرصة ليحسن الاستماع لها فهي تريد أن تتحدث للتحدث.
وأيضا هناك نوع آخر من النساء. . ليست كثيرة الكلام. . ولكن زوجها أيضا قليل الكلام أو شبه منعدم. . فهنا أيضا مشكلة نفسية تمر بها هذه المرأة. . وفي كل الأنواع. . أقول إن التوسط في هذا الأمر مهارة يجب أن يتعلم الإنسان متى يتكلم ومتى يستمع ولا يطلب من الطرف الآخر أن يكون على هواه.
وإنما لابد من وجود حوار في هذه النقطة تحديدا. . ليفهم كل طرف فيها طبيعة الآخر ولكي يتعلم كل طرف أن يتقرب من منطقة الطرف الآخر. . سواء في الكلام أو الاستماع. . ولا يجب أن يكون الرجل أنانيا في ذلك. . خاصة أن كانت زوجته لا تعمل وتهتم ببيتها وأسرتها. . أو كانت تعمل ولها في مجال عملها زملاء أو زميلات فالكلام مع الزوج مختلف عن كل الكلام ويشبع عاطفتها فانتبه أيها الزوج الكريم. . وكن أنت الصاحب لزوجتك ولا تهمل هذه النقطة أبدا اعرف ماذا تحب. . . الاستماع أم التحدث معها. . وفي أي المواضيع تفضل لأنك مسؤول الله عن الإشباع في هذا الجانب لزوجتك. . واحذر، فالذئاب البشرية التي تتفنن في استكمال ما ينقص السيدات كثر. . كما يقول الشاعر. . ومن رعى غنما في أرض مشبعة ** ونام عنها تولى رعيها الأسد فلقد سمعت قصة سيدة محترمة انجرفت لحوار لا يليق مع شاب صغير في السن لان زوجها كان لا يتكلم معها ولا يستمع لحوارها. . وليس هذا مبرر طبعا لما فعلت وإنما أقوله لأدلل أن الاحتياج النفسي للكلام مع كلا الزوجين قد يغلب النفوس الضعيفة فتنجرف نحو الخطأ. . وأنت أيتها الزوجة الكريمة انتبهي لطبائع زوجك، فالنساء الآن كثر، وكثيرات منهن لا يتورعن في إشباع هذه النقطة عند زوجك. . فهو أيضا بحاجة لمن تهتم لكلامه وتسعد بحديثه. . ليس هذا فحسب وإنما قد تبالغ في تقدير كلامه وأفعاله التي يسردها لها وتثني على تصرفاته. . حتى ولو كانت من وجهة نظرك عادية.
فمجرد أن يتحدث الزوج لزوجته باهتمام. . فهذه منه يقول لها أنا أحبك. وكذلك حديث الزوجة مع زوجها، فمجرد اختياره منها لان تتحدث معه وتبثه مكنونات نفسها فهي تقول له أنا أحبك لذا أفضل أن أتحدث معك عن غيرك.
ويقال إن المرأة التي يتحدث معها زوجها ويستمع لها باهتمام تظهر وسط الآخرين باتزان نفسي وراحة تظهر على كلامها وتصرفاتها وكذلك الرجل أن وجد لدى زوجته الاهتمام لكلامه وعدم تسفيهه يظهر أيضا باتزان نفسي وراحة نفسية وفي المقابل فالمرأة التي لا يستمع لها زوجها تتسم بالتوتر والقلق وتتحدث كلاما مضمونه ضعيف أمام غيرها، والرجل الذي لا يجد صدى طيب من كلامه لزوجته يسكت بين الناس.
ولنا في رسولنا قدوة حسنة فكان صلى الله عليه وسلم. . يتحدث مع زوجاته ويستمع لهن حتى ولو أطلن وله في هذا المجال الكثير من المواقف التي تدل يقينا أن الرجل يجب أن يهتم بهذا الجانب وبشدة. . فيوجد مواقف لرسولنا الكريم مذكورة في السيرة النبوية ومنها الحديث الطويل الشهير بحديث أم زرع وملخصه أنه صلى الله عليه وسلم جلس مع السيدة عائشة يستمع لها وهي تحكي له موقف عن إحدى عشر امرأة وهو ينصت لها باهتمام.
وتحدثت معه عن موقف أم زرع وأبى زرع، ولمح النبي الكريم والزوج الرحيم تساؤلا خفيا يدور داخل نفس السيدة عائشة رضي الله عنها فعندما ذكرت أم زرع وزوجها ذكرت أنهما كأنا يحبان بعضهما ولكنهما بعد ذلك انفصلا. . فرد الزوج الحبيب على زوجته وطمأنها بأنه يحبها مثل حب أبي زرع لام زرع ولكنه لن يطلقها…..
التعليقات (٠) أضف تعليق